ماذا بعد إنتصار الثورة السورية

بقلم المحامي خالد البقيرات/
بعد ما يقرب من أربعة عشر عاما على انطلاق الثورة السورية المباركة انتصرت بعزيمة رجال لا يعرف اليأس إليهم سبيلا، دفعت الغالي والنفيس في سبيل تحقيق هذا النصر العظيم، الذي أذهل العالم بأسره بإصراره وعزيمته على تحقيق النصر رغم المعاناة التي واجهها من نظام مجرم فاسد لا يعرف للإنسانية معنى ( قتل مئات الآلاف – اعتقل مئات الآلاف -هجر الملايين ).
وهنا بعد هذا النصر العظيم ندخل إلى مرحلة هي من أخطر المراحل على الثورة، وهي مرحلة الحفاظ على هذا الانتصار، وعدم السماح لأي جهة بإفشاله، حيث يعتبر الحفاظ على النصر دائما أهم من تحقيقه.
إننا الآن نشهد مرحلة انتقالية حساسة جدًا، تحتاج إلى معالجة دقيقة لتنظيم الدولة، وضمان عدم الوقوع في حالة من الفوضى، أو انهيار المؤسسات. في هذه الحالة، يُبنى الوضع القانوني والسياسي بناءً على مجموعة من المبادئ العملية والضرورية، و سأطرحها فيما يلي باختصار:

- إعلان مرحلة انتقالية مباشرة يتضمن
أ. إعلان دستوري جديد أو مؤقت: يكون الإعلان دستوريًا مؤقتًا لحين إعداد دستور دائم.
ب. نقل السلطة إلى حكومة انتقالية: تكون مهمتها ضمان الاستقرار الأمني، والبدء بعملية إعادة بناء مؤسسات الدولة. - إدارة مؤسسات الدولة
يتم ذلك من خلال الحفاظ على المؤسسات القائمة، ثم إجراء إصلاح جذري للأجهزة الأمنية.
كما أن ضمان استقلال القضاء الذي يعتبر من أهم مؤسسات الدولة، ولكن شريطة أن يتم تطهيره من العناصر الفاسدة التي كانت عونا للنظام البائد في تبرير جرائمه. - العدالة الانتقالية
تبدأ بتشكيل محاكم خاصة لمحاكمة المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان والفساد، من رموز النظام السابق، شريطة أن تكون عادلة وشفافة لتجنب خلق حالة انتقامية.
تعويض الضحايا عن الجرائم المرتكبة بحقهم ماديا و معنويا، لكي نصل في النهاية الى المصالحة الوطنية المنشودة. - التمهيد لنظام ديمقراطي جديد
ويجب أن يتم بداية بتشكيل مجلس تأسيسي منتخب، أو معيّن من ممثلي الثورة ،والمجتمع المدني، والأكاديميين، يشمل كافة مكونات الشعب السوري لصياغة دستور جديد، بحيث يعكس هذا الدستور تطلعات الشعب السوري، ويخلص بالنتيجة إلى إجراء انتخابات حرة ونزيهة. - إعادة الإعمار والتنمية
لا بد في البداية من إعادة تشغيل القطاعات الحيوية مثل الصحة، التعليم، الكهرباء، والمياه، و ذلك
بالاعتماد على الكفاءات الوطنية في إدارة هذه القطاعات، كذلك إعادة إعمار البنى التحتية المدمرة وصولا لإعادة النازحين و المهجرين. - التحديات الرئيسية في حالة سقوط النظام
حتى يستقر الوضع الأمني بشكل معقول، لابد بداية من التركيز على عدم السماح بفوضى السلاح، بحيث يكون منظما تحت قيادة محددة هي من تنظم كيفية حمله، وحالات استخدامه، وهنا يمكن أن تحاول القوى الإقليمية والدولية التي كانت منخرطة في النزاع فرض نفوذها ،أو تحقيق مصالحها، لذلك يجب على قيادة المرحلة وضع الخطط لتجنب هذه التدخلات قدر الإمكان.
نخلص بالنتيجة أن الأولوية القصوى ستكون لإدارة المرحلة الانتقالية بشكل يضمن تحقيق الاستقرار، وإعادة بناء الدولة على أسس ديمقراطية وشاملة، تحتاج فيها القيادة الثورية إلى خطة واضحة لإصدار إعلان دستوري، وتشكيل حكومة انتقالية، وإعادة بناء المؤسسات بما يضمن التمثيل العادل لجميع مكونات الشعب السوري ويحقق تطلعاته.