واشنطن 2025: صوت الشعب الإيراني يعلو إيران تستغيث والعالم مُطالَب بالتحرّك

في كلمات المتحدّثين، برز البعد الحقوقي بقوة.
موجة الإعدامات المتصاعدة في 2025، بحسب منظمات دولية، والتي وصفت بأنّها «مروّعة وغير مسبوقة»
في هذا السياق، أشارت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، إلى حادثة الشاب الأهوازي أحمد بالدي الذي أضرم النار في جسده احتجاجاً على الظلم، بوصفها «صرخة جيلٍ حُرم من أبسط حقوقه لعقود، تحت سياط القمع والتمييز».
هذا المشهد لا يمكن فصله عن آلاف المحتجّين الذين قُتلوا في انتفاضات 2019 و2022، ولا عن عشرات السجناء الذين يواجهون اليوم خطر الإعدام بتهم مرتبطة بدعم المعارضة أو المشاركة في الاحتجاجات.
هنا، يتجاوز السؤال حدود السياسة:
كيف يمكن للعالم أن يطالب بالديمقراطية وحقوق الإنسان في مكانٍ ما، ويتجاهل ما يجري في إيران؟
من “القضية الإيرانية” إلى مسؤولية دولية
المتحدثون الدوليون في المؤتمر وضعوا الأمور في إطارٍ واضح:
النظام الإيراني ليس مجرّد خصم سياسي، بل نظام يقوم على انتهاك ممنهج لحقوق الإنسان في الداخل، وتصدير العنف والإرهاب في الخارج.
مايك بومبيو وصف النظام بأنه:
«ضعيف، معزول، فاقد لأي شرعية شعبية، ومعتمِد على القمع في الداخل والميليشيات في الخارج».
جون بيركو ذهب أبعد من ذلك حين قال إن هذا النظام:
«لا يمكن إصلاحه… بل يجب إزالته»،
معتبراً أنّه أربعة عقود ونصف من “مقالٍ طويل في البربرية”.
هذه المواقف تعني شيئاً واحداً:
لم يعد ممكناً التعامل مع ملف إيران بوصفه ملفّاً نووياً فقط، أو مجرّد ورقة تفاوض جيوسياسية.
إنّه ملف حقوق شعبٍ كامل، وكرامة جيلٍ كامل، ومسؤولية أخلاقية تقع على عاتق الدول الديمقراطية ومؤسسات حقوق الإنسان في العالم.
فشل سياسة المساومة… وضرورة تغيير النهج
رسالة المؤتمر كانت حادّة تجاه ما يُسمّى بـ سياسة المهادنة أو المساومة مع النظام الإيراني.
مريم رجوي ذكّرت بأنّ هذه السياسة:
- منحت النظام الوقت والغطاء ليستمر في الإعدامات والقمع
- تجاهلت المجازر، مقابل صفقاتٍ نووية أو تجارية
- همّشت صوت المعارضة والشعب، لصالح “استقرارٍ زائف”
المتحدثون الدوليون بدورهم شدّدوا على أنّ: - الاسترضاء لم يُغيّر سلوك النظام
- كل تراجع في الضغط الدولي قابله تصاعدٌ في القمع الداخلي وتوسّعٌ في التدخّلات الخارجية
- الرهان على “إصلاح من داخل النظام” ثبت أنه وهمٌ سياسي وأخلاقي
من هنا برزت معادلة جديدة:
الدفاع عن حقوق الإنسان في إيران يعني عملياً التخلي عن سياسة المساومة، واعتماد سياسة حازمة تربط أي تعامل مع طهران باحترام حقوق الشعب، ووقف الإعدامات، وإطلاق سراح السجناء السياسيين.
المقاومة المنظمة… وواجب الاعتراف الدولي
جانب مركزي في المؤتمر كان التأكيد على وجود بديل ديمقراطي منظّم، يمثّله المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية وبرنامجه المكوّن من عشر نقاط، الذي ينص على: - فصل الدين عن الدولة
- المساواة الكاملة بين المرأة والرجل
- إلغاء عقوبة الإعدام
- احترام حقوق القوميات والأقليات
- إيران غير نووية، مسالمة، تحترم الجوار
مايك بومبيو وصف هذا البديل بأنه:
«مستعدّ، منظّم، ويمتلك رؤية واضحة لمرحلة الانتقال».
أما كارلا ساندز فاعتبرت أن:
«إيران لن تستبدل عمامةً بتاج… الشعب الإيراني رفض الديكتاتوريتين: الشاه والملالي».
هذه المواقف تعني أنّ العالم لم يعد يستطيع التذرّع بعدم وجود بديل.
وجود مقاومة منظّمة، لها برنامج ديمقراطي واضح، وجذور داخل البلاد، وتحظى باعتراف متزايد من برلمانيين وشخصيات دولية، يجعل الاعتراف بها واجباً سياسياً وأخلاقياً، لا خياراً ثانوياً.
ما الذي يُطلب من المجتمع الدولي اليوم؟
انطلاقاً من خلاصات المؤتمر، يمكن اختصار ما يُنتظر من الحكومات والمنظمات الدولية في نقاط محد
- إدانة واضحة ومعلنة لموجة الإعدامات في إيران، ومطالبة بوقفها فوراً، وربط ذلك بالملفات الدبلوماسية والاقتصادية.
- إحالة ملف مجزرة 1988 وسائر الجرائم ضد الإنسانية إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، والعمل على إنشاء آلية تحقيق دولية مستقلة.
- الاعتراف الرسمي بحق الشعب الإيراني في مقاومة الاستبداد، وبحقّ المقاومة المنظمة كطرفٍ شرعي يسعى إلى إقامة جمهورية ديمقراطية.
- قطع الطريق أمام أجهزة النظام في الخارج، بما في ذلك شبكات الاستخبارات والإرهاب التي تعمل تحت غطاء السفارات أو المراكز الثقافية.
- إنهاء سياسة المساومة، واعتماد سياسة مشروطة بحقوق الإنسان في كل علاقة مع طهران.
خاتمة: إيران… مرآة لصدق العالم
مؤتمر واشنطن لم يكن فقط صوتاً للشعب الإيراني، بل مرآةً تعكس مدى صدقية العالم في احترام حقوق الإنسان.

فمن السهل إلقاء الخطب عن الحرية والكرامة، لكن الاختبار الحقيقي يكون عندما يتعلّق الأمر بنظامٍ مثل نظام طهران، يجمع بين:
- الإعدامات الجماعية
- القمع الداخلي
- وتصدير الأزمات إلى دول الجوار
من هنا، تتحوّل إيران إلى سؤالٍ مفتوحٍ للعالم كلّه:
هل سنقف مع شعبٍ يطالب بحقه في الحياة والحرية، أم سنواصل منح نظامه القاتل المزيد من الوقت والفرص؟
الجواب لم يعد مسؤولية الإيرانيين وحدهم…
إنه واجب عالمي، وإنساني، وأخلاقي، قبل أن يكون سياسياً.
بقلم الناشط الحقوقي والخبير في الشأن الإيراني : الأستاذنظام مير محمد



